الراقصة الشرعية والقاضي العسكري

الراقصة الشرعية والقاضي العسكري

الراقصة اللولبية المشهورة تحدثنا في أحد برامج التلفزيون عن مهنة الرقص الشرقي وسموها وتزعم أنه لون من العبادة حتى أن أجدادنا الفراعنة قد خلدوا تلك الطقوس علي جدران معابدهم (مع ملاحظة الراقصة المؤرخة لا تجيد القراءة والكتابة ) .. ثم تزعم أنها تقوم بعمل اجتماعي خطير حيث تعول فرقة مكونة من خمسين فردا ما بين طبال وزمار يفتحون بيوتا وينفقون علي أسر وعندما تحاصرها المذيعة بأسئلة محرجة كقولها ولكنك برقصك تثيري غرائز الشباب فترد .. أبدا محصلش .. أنا برقص رقص شرعي .. ودائما أطلب من مصمم بدل الرقص بأن يفصلها بحيث تغطي السرة لأن السرة عورة .. هكذا ..!!

ويحدثنا الإمام الشافعي عن شبابه الأول عندما كان في رحلة عبر الصحراء وتتعرض قافلتهم لقطاع الطرق فيشرعون في القتل والسلب والنهب ثم تجمع الغنائم والأسلاب بين يدي شيخ المنسر وزعيم العصابة القاتل ويجلس المجرمون لتناول الغذاء ولا يشاركهم الزعيم وعندما يستفسر الشافعي عن السبب في إحجام الرجل عن تناول الطعام يقولون له لقد اعتاد زعيمنا صوم النافلة واليوم الخميس وهو صائم .. هكذا..!! أيضا

ومن طرائف الحسن البصري الشهيرة عندما اكتشف أن مصحفه قد ضاع فجمع تلاميذه وحدثهم حديثا مؤثرا عن الأمانة وعقوبة السرقة وذكرهم بالجنة والنار فأنخرط الجميع في بكاء حار فقال لهم بسخرية لاذعة .. كلكم يبكي .. فمن سرق المصحف ..؟

ومن لطائف ما قرأت للأستاذ خالد محمد خالد كتابه ( أبناء الرسول في كربلاء) وكنت في الصف الأول الإعدادي ورغم مرور السنين مازلت أذكر جملة مؤلمة وحادة في كتابه تعبر عن التناقض البين في نفوس البشر يقول فيها وقام جيش العراق بقيادة زياد ابن أبيه لصلاة الفجر وجلسوا للتشهد فقالوا ..اللهم صلي علي محمد وعلي آل محمد ثم يعقب قائلا ياويح القوم الآ يدركون وهم يصلون علي آل محمد أنهم سوف يذبحون آل محمد بعد سويعات قليلة.. هكذا..!!

وربما سيضيف التاريخ الي قصص التناقض الفج في نفوس البشر حكاية جديدة لقاضي المحكمة العسكرية الأخيرة للإخوان المسلمين فالرجل أمضي سنة وأربعة أشهر في دراسة القضية وتمحيص الأدلة وأقوال الشهود (كما يزعمون) .. وسوف افترض مثلا أن القضية بحق وحقيق ومش تمثيل وإخراج .. وسوف أفترض جدلا أن خيرت الشاطر ورفاقه يستحقون السجن وأنهم أتوا بأشياء تخالف القانون .. ولكن في الوقت نفسه كان قد أستقر في ضمير القاضي ( ان كان هناك ضمير أصلا) أن هناك خمسة عشر مظلوما ( بيقين وحسب حكمه هو) يقبعون في السجن بلا جريرة فكيف سولت له نفسه أن يتركهم بعد أن حجز القضية للحكم ويسافر لعمل عمرة ( وهي سنة علي أرجح الأقوال وليست فريضة) كيف طاف بالكعبة وهو يقول لربه جئتك من بلاد بعيدة بذنوب كثيرة .؟ وكيف كان يرفع عقيرته بين الصفا والمروة مناجيا لبيك اللهم لبيك وقد ترك خلفه خمسة عشر أسرة في حزن وظلم وأسي وقد أستقر في ضميره (حسبما حكم بنفسه) أنهم أبرياء شرفاء هذا لو افترضنا جدلا أن أحكامه الظالمة كانت عين الحقيقة كما يقولون وأنه لم يظلم الخمسة وعشرين بريئا الآخرين ..

تري هل هناك ثمة فرق بين الراقصة التي ترقص شرعيا والقاتل الذي يصوم نفلا والقاضي الظالم الذي أحرم بعمرة ..؟